gravatar

الحب المجنون والشهوة

* الحب المجنون والشهوة
إن الحب (المستورد) هو الحب المجنون، الذي يصل بصاحبه إلى درجة العشق الأعمى، بحيث لا يعرف إلا محبوبه، ولا يرى إلا به، ولا يسمع إلا به، ولهذا تجد صاحب العشق لا ينكر على معشوقه منكرا، فلو عشق رجل امرأة، ورآها على منكر، فإن عشقه يمنعه من الإنكار، لأنه يخشى أن يقل الحب بينهما، أو يزول الود. أما الحب الإسلامي العفيف، فهو الحب المتبادل، الذي يولد ويتوالد، ويكبر ويكثر بمرور الأيام والسنين، إنه الحب الحقيقي الذي تنقيه الأيام، وتثبته المواقف، وليس الكلمات المعسولة التي تقال قبل الزواج.

حب الشهوة

إن الحب الحقيقي لا يؤثر فيه موقف أو عشرة، لأنه حب مرتبط بحياة أسرية، كان غرض الطرفين منه إقامة أسرة إسلامية سعيدة، وليس حبا مرتبطا بالهوى والميل والعشق والجنس. الحب المستورد هو ما نبحث فيه عن جواب لسؤال ( كيف لا يموت الحب بين الزوجين؟) والحب المستورد هو الذي ننعق فيه ونقول ( الزواج مقبرة الحب)، إنه حب الشهوة فحسب، فإذا قضيت شهوتك، فمن أين تأتي بالحب؟



مقبرة الحب

إن أقلاماً دنسة رخيصة وأجهزة خبيثة لئيمة توحي لكل زوجة ينحرف قلبها قليلا عن زوجها أن تسارع إلى خدين ويسمون ارتباطها بخدينها هذا " رباطا مقدسا!" بينما يسمون ارتباطها بذلك الزوج " عقد بيع للجسد"!



لابد أن نصحح نظرتنا لبناء الأسرة المسلمة، لابد أن يكون الرباط متينا قائما على أوامر الله تعالى، لا على رباطات غربية، هي أوهن من بيت العنكبوت. إن من ينظر إلى الأسرة على أنها جنس فحسب، أو هيام فحسب، أو عشق فحسب، إنما هو يسكن في بيت العنكبوت، لهذا حدثونا عن بناء الأسرة القوية المتينة قبل أن تحدثونا عن مقبرة الحب!



قاعدة الأسرة

وكل هذه الاعتبارات تجعل الارتباط بين الجنسين على قاعدة الأسرة هو النظام الوحيد الصحيح، كما تجعل تخصيص امرأة لرجل هو الوضع الصحيح الذي تستمر معه هذه العلاقة، والذي يجعل " الواجب"، لا مجرد اللذة ولا مجرد الهوى، هو الحكم في قيامها، ثم في استمرارها، ثم في معالجة كل مشكلة تقع في أثنائها، ثم عند فصم عقدتها عند الضرورة القصوى.



وأي توهين من شأن روابط الأسرة، وأي توهين للأساس الذي تقوم عليه – وهو "الواجب" لإحلال " الهوى المتقلب"، و"النزوة العارضة"، و"الشهوة الجامحة" محله هي محاولة آثمة، لا لأنها تشيع الفوضى والفاحشة والانحلال في المجتمع الإنساني فحسب، بل لأنها تحطم هذا المجتمع وتهدم الأساس الذي يقوم عليها.



ومن هنا ندرك مدى الجريمة التي تزاولها الأقلام والأجهزة الدنسة المسخرة لتوهين روابط الأسرة، والتصغير من شأن الرباط الزوجي، وتشويهه وتحقيره، للإعلاء من شأن الارتباطات القائمة على مجرد الهوى المتقلب، والعاطفة الهائجة، والنزوة الجامحة، وتمجيد هذه الارتباطات، بقدر الحط من الرباط الزوجي!



احترام متبادل

إن الحياة الزوجية ليست عشقا وحبا وهياماً فحسب، بل إنها احترام متبادل، ومراعاة للمصلحة، وتربية للأجيال، إضافة إلى عامل السكن والمودة، لهذا قد يضطر الزوج إلى البقاء مع زوجة لا يحبها تلك المحبة، وذلك لحسن خلقها، أو لوجود أطفال بينهما، وكذلك قد تضطر الزوجة إلى البقاء مع زوج لا تحبه ذلك الحب، إما لحسن خلقه، أو لوجود أطفال بينهما، فالحياة الزوجية كما نفهمها من الآية السابقة هي (مودة، ورحمة)، وليست مودة وحباً فقط، إن الذي جعل تصور بعض الناس للحياة الزوجية بأنها العشق والهيام، والرومانسية الحالمة بكافة أشكالها وفنونها، والحصان الأبيض، والبساط السحري.... الخ، هو الإعلام العربي والغربي، يعني العربي الذي أصبح في صورة الغربي، حيث تتنافس وسائل الإعلام في تصوير أنه لا يمكن للمرأة أن تتحمل زوجا لا تحبه إلى درجة الهيام والعشق، ولا يمكن أن تبقى ساعة مع زوج لا (تموت فيه) كما يقولون.. وفي المقابل تصور وسائل الإعلام الرجل، بأنه لا يمكن له البقاء مع امرأة لا تجتمع فيها أعلى مواصفات الجمال مع أرقى مواصفات الأدب، مع غاية مواصفات الأنوثة، إضافة إلى تملكها لقلب زوجها.. كيف تعيش يا حبيبي مع امرأة لا تعشقها كعشق قيس لليلى؟؟!! إما أن تملك قلبك حتى الثمالة، أو النساء غيرها كثيرات!!