لا تحترقى
*
--------------------------------------------------------------------------------
لا تحترقى
حين عرفت أنها ستصبح أما بعد تسعة أشهر كانت سعادتها لا توصف، فطالما حلمت بذلك اليوم الذى تحمل فيه رضيعها وتهدهده وتحكى له،
وترى ابتسامته الرقيقه، وتعلمه كيف يقول ماما، وحين أصبح حلمها واقعا انصب كل اهتمامها عليه، وفكرت بعد أشهر أن الطفل الأول يحتاج إلى أخ يلعب معه فيحدثان جلبة وضوضاء محببة إلى نفسها .. حين أنجبت الطفل الثانى كان الاثنان أشبه بالتوأم .. وبدون تخطيط هذه المرة أنجبت الطفل الثالث بعد عام واحد آخر .. أصبحت كالفراشة تدور من الصباح إلى المساء، تغير شكلها، بعدت عن أصدقائها، قلت ثقافتها أو انعدمت، كانت تعتقد أنها تفعل الأفضل لأنها تضع أولادها فى المقام الأول وكانت تقول على الأم أن تكون مثل الشمعة تذوب من أجل أولادها .. كبر الأولاد قليلا وبدأوا يبتعدون عنها ، أحست بالوحدة، بحثت عن نفسها، لم تجد امرأة، بل بقايا امرأة ... بحثت عن الزوج .. كان بعيدا .. لم تتذكر متى كانت آخر مرة تناولت معه الشاي أوشاهدت معه الأخبار أو ...
كل شىء كان يتغير من حولها عدا هي فقد كانت تحترق كل يوم من أجل أولادها .. أرادت يوما أن تجلس مع ابنها الأكبر وهو يتصفح مواقع الإنترنت فاندهش الإبن وقال لأمه : أمى ، هل انتهيت من أعمال المنزل مبكرا هذا اليوم ؟ .. حينها شعرت أن صورتها لدى أولادها ليست تلك الصورة المثالية التى كانت تتخيلها، لقد حصرت نفسها فى مجال واحد ليس هو كل شىء، فكرت كثيرا و قررت أن تكف عن الاحتراق وأن تعود شعاعا مضيئا لا يذوب ولا يحترق، يجب أن تجعل لنفسها وقتا تمنح فيه روحها وعقلها جديدا يعينها على مواصلة الطريق وتستعيد فيه طاقتها المستهلكة على الدوام، لقد تعلمت أن الأفضل لها ولأبنائها أن تظل امرأة لها تميزها ورونقها، إلى جانب كونها أما حريصة على أولادها